Back

باحثون بجامعتي السليمانية التقنية ودمشق يبتكرون ملابس ذكية لتحذير الأهل من ارتفاع حرارة أطفالهم

تمكن فريق بحثي مشترك من جامعتي السليمانية التقنية ودمشق، من ابتكار ملابس ذكية قادرة على تنبيه العوائل بعامة والأمهات بخاصة، بأي تغير بدرجة حرارة أطفالهم ليسرعوا بالتدخل الفوري لمعالجتهم تلافياً لأي عوارض صحية “لا يحمد عقباها” يمكن أن تهدد مستقبلهم، وكلل جهده بنشر البحث الخاص بالموضوع في مجلة أميركية “مرموقة” عالمياً.

وقال رئيس الفريق البحثي، د. جاسم محمد عبد الكريم، إن ما نسبته ثلاثة إلى أربعة بالمئة من الأطفال بين عمر ثلاثة أشهر إلى ست سنوات “يتعرضون لاضطرابات صحية تصل ذروتها بعمر 18 شهراً، لأسباب مختلفة منها ضعف الوعي الصحي للأمهات أو قلة خبرتهن، ما يؤدي إلى إصابتهم (الأطفال) بالتشنج الحراري أو ما يعرف بالشمرة أو حتى الصرع febrile convulsion، وربما الحمى القرمزية أو حمى التيفوئيد، ما قد يهدد حياتهم ومستقبلهم”.

وأضاف عبد الكريم، أن ذلك “حفز الفريق البحثي المشترك من جامعتي السليمانية التقنية ودمشق، لمعالجة الموضوع من خلال تنبيه العوائل بعامة والأمهات بخاصة، بأي تغير في درجة حرارة أطفالهم بصورة بسيطة وواضحة يمكن ملاحظتها بجلاء فور حدوثها ضماناً لتدخلهم بالوقت المناسب”، مبيناً أن الفريق “وجد أن أفضل وأسهل وسيلة لذلك هي تغير لون ملابس الطفل تبعاً لارتفاع درجة حرارته بنحو ينذر الأهل بضرورة التدخل الفوري لعلاجها”.

وأوضح رئيس الفريق البحثي، أن الحل الذي توصل إليه الفريق يتمثل بـ”استعمال الأقمشة الذكية Smart fabrics   التي لها تطبيقات متنامية في المجالات طبية وصناعية وأمنية ورياضية وغيرها، لما تتمتع به من مواصفات القوة والمتانة والقدرة على التشكل والتلون بحسب الحاجة”، مشيراً إلى أن الفريق البحثي المشترك “استعمل صبغة حرارية نوع Turn Thermo pigment يختفي لونها عند ارتفاع درجات الحرارية ضمن الحدود الطبيعية التي يتحملها الجسم البشري، أي من 30 إلى 41 درجة مئوية، بنحو تدريجي لظهور اللون، إذ وجدها مناسبة لطبعها على ملابس الأطفال لمعرفة تغير درجة حرارتهم بل وحتى تلك التي ترتديها المرأة الحامل لمراقبة وضعها الصحي”.

وذكر عبد الكريم، التدريسي في جامعة السليمانية التقنية، أن الفريق المشترك “أجرى عدة تجارب لمعرفة مدى ثبات الصبغة أو تغير الخواص الفيزيائية للقماش المستعمل بعد طباعته بها من خلال رفع درجة الحرارة إلى خمسين مئوية”، لافتاً إلى أن نتائج البحث “أظهرت أن فيض الحرارة (Heat Flux) للأقمشة المطبوعة بالصبغة الحرارية يزداد عن نظيرتها غير المطبوعة بنسبة 12 بالمئة، بسبب ازدياد معدل انتقال الحرارة بين القماش المطبوع والجسم، وذلك من خلال دراسة معادلات انتقال الحرارة كافة سواءً بالتوصيل أم الحمل أم الاشعاع ومدى تأثيراتها بين جسم الطفل والملابس”.

وتابع عبد الكريم، أن حال الأقمشة المطبوعة بالصبغة الحرارية “مشابه لمعظم الأقمشة المطبوعة بصبغات عادية، من حيث حدود ثبات اللون عند الغسيل والاستعمال المتكرر، كما أن إضافة مادة ملونة على سطح القماش يجعله غير نافذاً للهواء، بدرجات مختلفة، بحسب نوع الصبغة والمادة المثخنة والمواد اللاصقة المستعملة وسماكة الصباغ”، مستطرداً أن الأقمشة الذكية هي “عبارة عن نسيج تم تطويره باستخدام تقنيات حديثة، جعلت من الملابس ليست مجرد شيئاً نرتديه لنغطي أجسادنا ونحميها من المؤثرات الطبيعية، بنحو يعكس أذوقنا حسب، بل وجعلتها تحمل في طياتها مفهوماً جديداً وثورياً لم يكن يتوافر من قبل، يمكنها من التواصل والتحول وتوصيل الطاقة والنمو”.

ومضى رئيس الفريق البحثي المشترك قائلاً، إن الأقمشة الذكية “تصنف إلى فئتين مختلفتين، هما الجمالية والمحسّنة للأداء، مضيفاً أن الأمثلة عن الأقمشة الجمالية تشمل مختلف أنواع النسيج، بدءاً من المضيئة وصولاً إلى المتغيرة في ألوانها، في حين تعمل بعض تلك الأقمشة على تجميع الطاقة من البيئة المحيطة مثل الاهتزازات أو الصوت أو الحرارة الناجمة عن الجسم”.

أما الأقمشة المحسنة للأداء، والكلام دائماً للدكتور جاسم محمد عبد الكريم، فهي التي “يكون لها تأثيراً كبيراً على  الرياضات المعقدة والصناعات العسكرية، إذ تتألف من أنواع النسيج الذي ينظم درجة حرارة الجسم، ويقلل من مقاومة الرياح، ويتحكم بحركة العضلات، مما سيساعد الرياضيين وربما المقاتلين أو رجال المهمات الخاصة، على تحسين أدائهم”، وقد لوحظ مؤخراً أن “وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، تستثمر الأقمشة الذكية، على أمل أن تتوصل يوما ما إلى تطبيقات تسمح بصنع بدلات عسكرية تستشعر التهديد الكيميائي وتوليد الكهرباء وتخزينها”.

وكان البنتاغون أعلن عن برنامج مشترك لاستثمار 317 مليون دولار، منها 75 مليون دولار من الأموال العامة، في عدد من الجامعات، على رأسها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT المرموق، ومجموعة من الشركات الصناعية الكبرى، في هذا المجال.

وأكد عبد الكريم، أن الفريق البحثي المشترك “أجرى دراسة معمقة شملت ثلاثة محاور أولها اختبار نفاذية الهواء  Air permeability، لعينات الأقمشة بعد طباعتها بالصبغة الحرارية، والانخفاض الحاصل لنفاذية الهواء للقماش بعد عملية الطباعة، ووجد أنها أصبحت غير نافذة للهواء أو نافذة جزئياً، مضيفاً أن المحور الثاني ركز على تغير اللون وفيض الحرارة، فعند زيادة الحرارة من 30 وحتى 41 درجة مئوية وهي الدرجات المناسبة لطبيعة الجسم البشري تحول لون القماش المطبوع من البرتقالي إلى عديم اللون، مرورا بالدرجات المختلفة (برتقالي – برتقالي فاتح – وردي – عديم اللون) حيث تقل الشدة اللونية مع ارتفاع الحرارة حتى تختفي تدريجياً”.

وزاد رئيس الفريق البحث المشترك، أن المحور الثالث “تناول ثبات الألوان عند الغسيل، إذ أن نوعية الأصباغ تتسم بكونها قليلة الثبات عند تكرار غسل القماش، لكن مع استخدام تقنية الطباعة التي تعتمد على استعمال مواد مثبتة للصبغ أصبحت قابلية الألوان للثبات أكبر عند تكرار دورات الغسيل، حيث بدأت شدة اللون تضعف بعد حوالي 25 غسلة”.

وكلل الفريق البحث المشترك برئاسة الدكتور جاسم محمد عبد الكريم من جامعة السليمانية التقنية، والمهندسات آلاء خسارة، حنين القلعاني وريهام الرسلي، من قسم هندسة ميكانيك الصناعات النسيجية وتقاناتها، بكلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق، جهوده بنشر البحث الذي أعده تحت عنوان (Impact of Properties of Thermochromic Pigments on Knitted Fabrics)، في مجلة أميركية عالمية، لها معامل تأثير مرموق  (IMPACT FACTOR = 3.8)، هي (International Journal of Scientific & Engineering Research)، بعددها الرابع المجلد السابع   (ISSN 2229-5518)الصادر في نيسان الماضي.

يذكر أن رئيس الفريق البحثي، د. جاسم محمد عبد الكريم( jassim.abdulkarim@spu.edu.iq )، خريج جامعة دمشق، وعلى تواصل مع أساتذته وزملاءه فيها، ومشارك معهم في مشاريع بحثية، فضلاً عن إشرافه على طالب دكتوراه فيها، وهو تدريسي في جامعة السليمانية التقنية، ومعاون عميد الكلية التقنية الهندسية التابعة لها، لشؤون الطلبة، ولديه الكثير من الإسهامات العلمية والبحثية، منها إصدار كتاب عن المحارق الصناعية، باللغة الانكليزية، عن دار النشر الالمانية (LAMBERT Academic Publishing) نهاية العام 2015 المنصرم، والكثير من البحوث المنشورة في مجلات عالمية وعربية محكمة، فضلاً عن مشاركات في مؤتمرات عالمية، وقد حاز بحثه المشارك في المؤتمر العالمي بتركيا عام 2012 على المرتبة الأولى لأهميته، كما أن لديه براءة اختراع من الجهاز المركزي التقييس والسيطرة النوعية التابع لوزارة التخطيط العراقية، وهو من محكمي البحوث في مجالات عالمية وعراقية.