Back

تدريسي بجامعة السليمانية التقنية: الكورد لا يثقون بمصداقية الإعلام العربي تجاه قضاياهم

أكدت نخب سياسية وأكاديمية وإعلامية كوردية على “عدم ثقتها” بمصداقية الإعلام العربي وتوازنه فيما يتعلّق بالشأن الكوردي، وأن الإعلام العربي “لم يتمكن” من تغيير تصورات مواطني إقليم كوردستان بشأن الواقع العربي، وفي حين بينوا أن فضائية الجزيرة أسهمت بإثراء معلوماتهم وزيادة وعيهم السياسي ومساحة حرية الرأي والتعبير بالوطن العربي، عدوا أنها “لم تكن حيادية” نتيجة انتمائها لاتجاه سياسي معين.
جاء ذلك في خلاصة بحث ألقاه د. يحيى عمر ريشاوي التدريسي في قسم تقنية الإعلام بالكلية التقنية الإدارية التابعة لجامعة السليمانية التقنية، بعنوان (اتجاهات النخبة الكوردية نحو الإعلام العربي- فضائية الجزيرة انموذجاً)، في مؤتمر (العرب والكورد: المصالح والمخاوف والمشتركات)، الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في العاصمة القطري الدوحة، للمدة من الـ29 نيسان/ أبريل إلى الأول من أيار/ مايو 2017 الحالي.
وقال ريشاوي، إن البحث الموسوم اتجاهات النخبة الكوردية نحو الخطاب الإعلامي العربي عبارة عن “دراسة ميدانية على عينة شملت 144 شخصاً من قادة الرأي والنخبة السياسية والأكاديمية والإعلامية في إقليم كوردستان من أربيل والسليمانية ودهوك، ووجهات نظرهم بشأن الخطاب الإعلامي العربي، نظراً للقرب الجغرافي والثقافي والسياسي بين المجتمعين العربي والكوردي ولما للخطاب الإعلامي الموجّه من قبل الطرفين من تأثير في تكوين الاتجاه وتحويل الرأي العام إيجاباً أو سلباً”، مشيراً إلى أن اختيار فضائية الجزيرة أنموذجاً للتطبيق جاء “نظراً لما تتمتع به من شهرة وتأثير عالمي”.
وأضاف التدريسي في جامعة السليمانية التقنية، أن مشكلة البحث “تنبع من حاجة المكتبة الإعلاميّة إلى دراسات علمية وأكاديمية تكشف عن رؤى النخبة في إقليم كوردستان وتصوراتها بشأن الإعلام العربي، للوصول إلى حقائق واستنتاجات جديدة بشأن الخطاب الإعلامي العربي الموجّه إلى الكورد، ومعرفة آراء النخبة وتوجّهاتها نحوه بعامة وتجاه فضائية الجزيرة بخاصة بوصفها أنموذجاً لهذا الإعلام”، مبيناً أن البحث سعى إلى “الإجابة على سؤالين رئيسين يتعلقان بكيفية نظر النخبة الكوردية إلى الخطاب الإعلامي العربي، ووجهات نظرها وتصوراتها بشأن فضائية الجزيرة، ومدى قدرة الإعلام العربي وفضائية الجزيرة المحافظة على التوازن والموضوعية في الطرح الإعلامي”.
وأوضح د. يحيى ريشاوي، أن “نصف أفراد عينة البحث كانوا يتابعون فضائية الجزيرة ومن ثم قرينتها العربية وفي المرتبة الثالثة تأتي فضائية BBC”، لافتاً إلى أن المواضيع السياسية “جاءت على رأس اهتمامات عينة البحث من حيث المتابعة، ومن ثم تأتي المواضيع الفنية والفكرية على التوالي”.
وكشف الأكاديمي الكوردي، عن “تفضيل نسبة كبيرة من أفراد عينة البحث متابعة القنوات الفضائية، ومن ثم يأتي الانترنت بالمرتبة الثانية، وعن عدم اتفاق نسبة كبيرة منهم مع كون الإعلام العربي قد ترك أثراً إيجابياً على تصورات مواطني إقليم كوردستان بشأن الوطن العربي”.
وتابع التدريسي في قسم تقنية الإعلام بالكلية التقنية الإدارية، أن نصف أفراد عينة البحث رأوا أن الإعلام العربي “لم يتمكن من تغيير تصورات مواطني إقليم كوردستان بشأن الواقع العربي”، مؤكداً على أن أفراد العينة “يميلون إلى عدم الثقة بمصداقية الإعلام العربي وتوازنه فيما يتعلّق بالشأن الكوردي”.
واستطرد ريشاوي، أن معظم أفراد العينة “يرون أن فضائية الجزيرة غير حيادية وتنتمي إلى اتجاه سياسي معين، برغم اتفاقهم بشأن نجاحها بإثراء معلوماتهم وزيادة وعيهم السياسي”، مضيفاً أن معظم أفراد العينة “يرون أن الجزيرة كانت عاملاً مهماً في تشجيع الثورات في الوطن العربي، فضلاً عن اعتقاد نسبة كبيرة منهم بأنها قامت بمراقبة أداء الأنظمة العربية ونقدها وأنها أسهمت في زيادة مساحة حرية الرأي والتعبير”.
ومضى الأكاديمي الكوردي قائلاً إن معظم أفراد العينة “يؤيدون فكرة أن فضائية الجزيرة تؤيد سياسات الحكومة القطرية في المنطقة وتروج لها، وإن الاتجاه الإسلامي يغلب على خطابها الإعلامي”، منوهاً إلى أن نسبة كبيرة من أفراد العينة “رفضوا الادعاء القائل بأن فضائية الجزيرة غير ملتزمة بمواثيق الشرف وأخلاقيات العمل الإعلامي”.
وأقر ريشاوي، بأن نسبة كبيرة من أفراد عينة البحث “بينت أن ظهور قنوات إخبارية عربية أخرى قللت من تأثير الجزيرة”، مستدركاً أن معظم أفراد العينة أكدوا أن “عدم مخاطبة الجزيرة مواطني الإقليم باللغة الكوردية وعدم تخصيصها مساحة كافية للشأن الكوردي شكل عائقاً أمام انتشارها وتأثيرها بنحو أكبر”.
يذكر أن مؤتمر “العرب والكرد: المصالح والمخاوف والمشتركات”، يأتي في إطار سلسة النشاطات التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، دوريا منذ عام 2010، وتتناول عادةً علاقات العرب مع جيرانهم في الإقليم وكذلك مع القوى الدولية الفاعلة، حيث تناولت الدورات السابقة في سلسلة “العرب والعالم” علاقات العرب مع كل من إيران، تركيا، القرن الأفريقي، الولايات المتحدة، روسيا والصين.
وأن المركز يدرس لأول مرة، علاقة العرب مع “الآخر” ضمن الدولة العربيّة الحديثة، في محاولةٍ لتقديم فهمٍ أكثر عمقًا للمسائل الإشكاليّة في العلاقات العربية – الكوردية في ضوء التطورات السياسية المتسارعة التي تعيشها دول المشرق العربي.
وقد شاركت في المؤتمر مجموعة من الشخصيات الكوردية، منها فريد أسسرد، د. ابتسام إسماعيل قادر، شاهو سعيد وغيرهم، فضلاً عن باحثين عرب.
وشهد المؤتمر تقويماً للعلاقة السياسية بين الأقاليم الكوردية والسلطة المركزية في كلٍّ من العراق وسورية، بين الفدرالية واللامركزية والحكم الذاتي، كما تناولت إحدى الجلسات صورة الآخر في العلاقات العربية الكوردية، في حين حاولت الأوراق المقدمة في الجلسة الأخيرة استشراف مستقبل العلاقات بين العرب والكورد في العراق.